الأفكار اللاعقلانية حينما يكون العدو في داخلك
بقلم الأخصائية النفسية /عبير الدوسري
الأفكار اللاعقلانية هي أشبه بالعدو الخفي الذي يقف في طريق نجاحاتنا وسعادتنا. نعيش معها يوميًا، نمنحها مساحة داخل عقولنا، وتبدأ في تشكيل واقع مشوه. هذه الأفكار لا تعتمد على حقائق أو منطق، لكنها تؤثر على مشاعرنا وسلوكياتنا بشكل مباشر. عندما يبدأ العقل بتبني فكرة مثل "أنا لست جيدًا بما فيه الكفاية" أو "كل شيء سيفشل مهما حاولت"، يتحول الخوف إلى حقيقة داخلية.
الخطورة في الأفكار اللاعقلانية أنها تسيطر علينا دون أن ندرك ذلك. فهي تنمو وتتطور بشكل تدريجي حتى تصبح جزءًا من كيفية رؤيتنا للعالم ولأنفسنا. تتشكل هذه الأفكار عادة من تجارب سابقة، مواقف غير مريحة، أو من توقعات مفرطة في السلبية. تكمن خطورتها الحقيقية في قدرتها على استنزاف طاقتنا النفسية والعاطفية.
الفرد الذي يعيش في ظل هذه الأفكار يصبح عالقًا في دائرة من التوتر المستمر. تراه يتجنب الفرص، يخشى المخاطرة، ويظل دائمًا متوجسًا من الفشل. الأثر لا يتوقف هنا؛ الأفكار اللاعقلانية تؤثر أيضًا على العلاقات الشخصية. من يشعر بأنه غير محبوب أو غير قادر على إسعاد الآخرين، سيبدأ في بناء جدران بينه وبين محيطه.
الحل ليس في قمع هذه الأفكار، بل في مواجهتها. عندما نبدأ بتحديد الأفكار اللاعقلانية ونطرح عليها تساؤلات منطقية، نجد أنها تنهار تحت ثقل الحقائق. المهم أن نتعلم كيف نصنع المسافة بينها وبين واقعنا. أن ندرك أن ما نفكر فيه ليس بالضرورة يعكس حقيقة ما نحن عليه أو ما يدور من حولنا.
إذا كانت الأفكار اللاعقلانية هي العدو الخفي، فإن الوعي الذاتي هو السلاح الفعّال. الوعي بما يدور في أذهاننا، القدرة على تفنيد الأفكار والتشكيك فيها، وتحويلها إلى أفكار أكثر اتزانًا وواقعية، هو المفتاح للتخلص من قيود العقل اللاعقلاني.
في الختام، تذكر أن الأفكار اللاعقلانية مجرد انعكاس لمخاوف غير مبررة. يمكن أن نحطمها ونعيش واقعًا أكثر صفاءً واستقرارًا. الأمر يبدأ من الداخل، من مواجهة الذات ومعرفة حقيقة ما نفكر فيه.
احصل على استشارات نفسية :